Wednesday, February 20, 2008

عن فرح البهجات الصغيرة






هذه التدوينة هنا لأجل محمد ومحمد أخواي :).. كتبتها بناءا علي رغبة محمد الذي طلب مني أن أحكي هذا الموقف هنا لكنني قررت أن أحتفظ بها لنفسي.. الآن أنشرها لأجل محمد الذي طلب أن يراها هنا


من أيام كنت مع قريبة لي - حامل بشهرها الأخير - عند طبيبها الذي تتابع معه الحمل.. وصلنا قبل موعد وصول الطبيب لندخل في البداية .. العيادة يعمل بها ممرضتان استقبلتنا أحدهما- عبير كما عرفت اسمها - حين وصلنا .. مضت دقائق قبل أن تدخل الممرضة الأخري حاملة بيدها مظروفا يحمل شعار أحد المعامل الشهيرة.. جلست إلي جوار عبير تفضه بلهفة لتخرج محتواه ..نتيجة تحليل طبي .. تتأملها قليلا قبل أن تمد يدها بها لقريبتي لتسألها:
"تعرفي تقريلي الإنجليزي اللي فيها " ..
تبتسم وترد "عندك دكتورة أهي وريهالها "...

"اختبار حمل تلتقط عيني نسبة الهرمون الذي يقاس قبل أن أتمتم لنفسي" عالي
تلتقط هي كلمتي فتستحثني بانفعال " يعني حامل ؟؟


لهجة التوجس في صوتها جعلتني أرد علي سؤالها بسؤال " هو بتاعك ؟"؟
أنتبه لأنها لا ترتدي دبلة في يسراها ! ربما تخص أحدا من المريضات ..أعدل سؤالي "هو بتاع مين؟! "...
ترد بيديها بإشارة تتابعها ب.."بتاع عبير ..." ثم تستعجل إجابة سؤالها " يعني حامل ولا لأ "؟؟
أرد بنعم و أنا أنتقل بعينيّ لا إراديا إلي عبير.. رد فعلها أدهشني !!

اكتفت بهز كتفيها كأنها لا تصدق قبل أن تضم الجاكيت الجلدي الذي ترتديه أكثر .. صديقتها أخذت تضحك وتصيح بفرحة قبل أن تنهمر قبلاتها وأحضانها لعبير التي تبدلت ملامحها لترسم ابتسامة صغيرة ذاهلة.. نطقت أخيرا " يعني متأكدة إن النتيجة إيجابية في التقرير؟؟ .."

أشرح لها " بصي هو المعمل مش كاتب تقرير بس الهرمون اللي بيتقاس ده موجود وعالي ومعني كدة إنك حامل يعني إن شاء الله"..
في العادة أتجنب أية افتاءات طبية علي مدي سنوات الدراسة سوي في أضيق الحدود وفي نطاق ما أعرفه يقينا وغالبا ما أتبع الأمر بالنصيحة بسؤال الطبيب المختص .. لذا سألتها كالعادة أن تنتظر الطبيب ليأكد لها بنفسه ..
تجلس إلي المكتب وبيدها التحليل تتأمله بنفس الابتسامة الذاهلة .. أسألها " هو أول نونو ؟؟ " ترفع رأسها وتهزها بالإيجاب

هكذا إذن!!
تهمس قريبتي في إذني " كان بقي لها 4 سنين يا عيني ..

نسبة الهرمون تبدو جيدة للغاية علي قدر علمي وتستبعد بعض الاحتمالات السيئة التي قد تحدث نادرا في بدايات الحمل .. أفكر في أن أطمنها أكثر لكنني أتراجع .. فلننتظر حتي يأتي الطبيب ليفحصها بنفسه ويطمنئها بشكل قاطع.. أفكر في أن أساعدها بشيء آخر .. أسألها عن بعض التواريخ لكي نحسب معا عمر الجنين .. يقاطعنا دخول الطبيب

تقوم بتباطأ وبيدها التحليل فنبتسم لها مشجعين .. تدخل ثم تخرج بعد ثانيتين منادية لزميلتها ...تدخلان سويا وتغيبان لدقائق قبل أن تخرج زميلتها متجهمة .. تجلس للمكتب متشاغلة بالدفتر الذي تسجلان فيه بيانات المرضي

أنتظر أن ترفع عينيها لتقول أي شيء لكنها لا تفعل!! ..
تسألها قريبتي التي لم تحتمل الصمت أكثر " أيه ؟؟ هو قالها فيه مشكلة ؟؟
ترفع رأسها لترد " لأ خالص ..ده لسة مشافش التحليل أصلا.. ده كان بيكلمني أنا.."
ننتظر لدقائق أخري تمر ثقيلة جدا قبل أن تخرج عبير.. أتعجل أنا هذه المرة و أسأل " ها ؟؟طمنك ؟؟"... تبتسم وهي تهز رأسها بالإيجاب "الدكتور نفسه استغرب جدا !!.." تتحول الابتسامة لضحكة "وشك حلو أوي ..." .. أضحك وأقول "طب الحمد لله... ".. أشير لزميلتها " أصلها وقعت قلبنا لما خرجت مكشرة كدة!!..
تبطل دهشتي حينما تفهمني السبب .. الطبيب الذي صعد للعيادة علي صياحها وصخبها لم ينتظر ليفهم السبب وأسمعها كلمتين ثقيلتين عن احترام المكان الذي تعمل به.. أقطب لائمة فتدافع عنه بإخلاص " والله ده طيب أوي رغم العصبية دي .. عارفة ده ندهلي وأنا خارجة تاني علشان يقولي أهدي نفسي خالص وأصلي ركعتين شكر أول ما أوصل البيت وأخرج صدقة .."
تحكي لي حكايتها مع الانتظار.. ثم العلاج لشهور طويلة بلا نتيجة قبل أن تيأس و تتوقف تماما من أكثر من عام ونصف.. .أتأمل عينيها اللامعتين بفعل التأثر ... تذهلني حكمة الخالق في أن تدمع العينيان في عز الفرح والحزن معا !!..يا الله !! ساحرة للغاية تلك الدمعتان الأبيتان .. العالقتان وكأنما تتحديان كل قوانين الجاذبية وفطرة النساء

تمسك بهاتفها المحمول وتسألنا وقد صرنا شركاءها في الفرح " أكلم ماما أعرفها ؟؟ "...
نشير عليها بأن تفعل لكنها تتراجع " لأ بلاش .. هتقلق وهتبقي عايزة تشوفني أنا هاروحلها أحسن أول ما أخلص
أقترح عليها" طيب ما تكلمي جوزك تطمنيه ؟؟ ..
تبتسم وترد بخبث طفولي " لأ ..هأكلمه أول لما أوصل عند ماما علشان ييجي " ..تواصل " أصله ميعرفش إني هاحلل ولا في باله الموضوع .."
أقاطعها مبتسمة " هتبقي مفاجأة جميلة جدا إن شاء الله..
تهز رأسها موافقة قبل أن تكمل " ولا أنا كان في بالي .. الموضوع كله كان بالصدفة النهاردة .. روحت وأنا متأكدة إن هيطلع مفيش حاجة.."... تصمت للحظة ترفع فيها نتيجة التحليل لعينيها قبل أن تواصل بحظر " ولحد دلوقتي مش مصدقة ...حاسة كأنه مش دمي .. يا رب يكمل علي خير
أرد بقلبي وبلساني " إن شاء الله هيكمل علي خير ..
أدخل مع قريبتي للطبيب الذي يطمنئها هي الأخري
قبل أن نذهب أخيرا أفعل ما تمنيته منذ أن خرجت عبير من عند الطبيب مبتسمة.. أقّبلها متمنية لها أن تقوم بالسلامة ...



18 comments:

محمد النقيب said...

كنت لسه رايح على التلاجة .. احم
بجد قريتها تاني وكأني بقراها لأول مرة , وكل مرة لما بوصل للنهاية بحس بقشعريرة مريحة أوي..
شكراً أوي يا إيمان ..

إيما said...

محمد
طيب الحمد لله إني لحقتك:)
وبجد مش عارفة أقولك أيه بعد كلامك الجميل ده !!..وبعدين مش قلتلك أنا اللي شكرا أوي أوي أصلا
:)
ربنا يخليك يا محمد ومنور المدونة بجد بجد

ست المرتفعات said...

الله
اولا
بحب العنين اللى بتلقط لحظات الفرح
وبحب الأمومة الغالية دى
وبحبك أنت شخصيا

عزيـــــــــــــز المصرى said...

سلام عليكم .. هناك شيء ما فى هذه التدوينة .. شيء من الصعب وصفه لكن الإحساس به سهل جدا جدا .. احساس بفرح حقيقى ينساب بين الكلمات ..تأثرك بالموقف واضح جدا يا ايما ..والأجمل أنك نقلتيه بنفس المشاعر الرائعة التى تشعرنى كقاريء بنفس الحالة من الفرح .. دمت بكل الخير .. سلام عليكم

إيما said...

ست المرتفعات
عليا الجميلة هنا!!
أنا لازم أعمل حفلة في المدونة علشان نورتيها :)
أنا كمان باحب التدوينة دي عشان إنتي هنا وبحبك إنتي أكتر وأكتر

نورتي يا جميلة
:)

إيما said...

عزيز
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بجد سعيدة جدا بتعليقك :) كنت مش عايزة أنشر التدوينة دي لاني حسيت انها مشاعر شخصية صعب اني أخليها فرحة عامة..تعليقك حسسني إني نجحت شوية في كدة
شكرا جدا جدا:)
ويا رب تنشط مدونتك الجميلة شوية عايزة أعرف أعمل دوشة هناك
تحياتي ونورت
:)

Unknown said...

طيب أقول إيه يعني؟
يعني الحاجات دي محتاجة واسطة عشان تنشريها؟
شكرا يا محمد!

إيما said...

دافنشي

مش مسألة واسطة.. بس بصراحة كنت حاسة دمها تقيل شوية لما حكيتها معرفتش أحافظ علي إحساسها حلو فمكنتش هانشرها بصراحة لولا إن محمد هدد تهديدات خطيرة جدا لو مشفش البوست هنا :)
شكرا يا محمد وشكرا يا دافنشي
:)

شفت الهدية بتاعتك وهي منورة المدونة ولا لسة؟؟
ميرسي جدا جدا تاني

وتحياتي
:)

Unknown said...

ازيك يا ايما
أنا جيتلك أهو المدونة وده أول بوست أقرأه ..جمييييل بجد و على فكرة أنا مش متفقة معاكى ان الى بتكتبيه ده مجرد شخبطة..أنا شايفة انه أدب وأدب جميل كمان ..بدون مجاملة بجد ده رأيي
قوليلى بقى هو منتدى دار ليلى حصل له ايه؟

إيما said...

حنان صح؟؟
أزيك يا جميلة :) مبسوطة إنك وصلتي هنا ونورتي المدونة ومبسوطة كمان برأيك في كتابتي (مش هأقول شخابيطي عشان متزعليش :) )
هاعتبرها شخبطة شبه أدبية طالما أنت شايفاها كدة:)

ليلي مش عارفة ليه مقفول يمكن بيجددوا أو بيظبطوا حاجة !! متقلقيش أكيد هيرجع قريب ان شاء الله

تحياتي يا جميلتي ويا رب تنوري المدونة بوجودك دايما
:)

عطشان said...

و الله مش عارف من غيرى كنتى حتعملى ايه

شوفى كمية الناس اللى داخلة ترد عندك ياريتنى ما كنت قولتلك تكتبيه :p

حدوته مصرية said...

هو انت متعملش خير ابدا لله
يا ساتر عليك

سورى يا ايما على المقاطعة دى

و البوست جميل جدا و احساسك بالموضوع وصل جدا من كلماتك

تحياتى

إيما said...

عطشان
كنت هاعمل أيه ؟؟كنت هارتاح من الدوشة طبعا !!
ماشي يا حضرة المهم كتر خيرك :)..يلا روح أشرب من حتة تانية بقي


محمد ياسر
شايف يا محمد خليك شاهد عليه!!
ربنا يخليك يا رب سعيدة بجد برأيك ده والحمد لله ان الاحساس وصل

تحياتي ومنور دايما
:)

shady said...

ايما

سعيد بحكايتك جدا .. ولن يشعر بتلك السعادة الا طبيب أو طالب طب .. ياااااااااه .. أن تكون جزءا صغيرا من حياة انسان آخر فترسم بسمة ولو بسيطة أو تمحو وجعا ولو بسيطا أيضا .. هل هناك ما هو أروع ؟؟ . لفترة طويلة من حياتي ظل احساسي بالسعادة نابعا من احساسي بفرحة من حوالي يتضاعف هذا الاحساس اذا كنت أنا سببا في تلك الفرحة ..
تدركين بالتأكيد الطرف الآخر من المعادلة .. فشل الطبيب أو مسؤوليته تجاه مريضه .. او القلق المعتاد من نجاح تخمينه أو عمل يده .. أن تكون مسؤولا فتلك مشكلة وأن تكون المسؤولية حياة إنسان فلا اصعب

تلك معادلة أن تكون طبيبا .. مفاضلة مستمرة بين احساس خرافي بالسعادة في فرحة مريض أو كلمة شكر .. وبين إحساس ممض بالمسؤولية .. ما أروعها مهنة وما أصعبها .. وبقدر العناء يكون الجزاء في الدنيا أو في الآخرة

تحياني علي لحظات سعادة مع هذا البوست

إيما said...

شادي

مش عارفة أقولك كلامك خضني قد أيه يا رب بجد نكون قد المسئولية دي.. بس أنا هنا تقريبا مكنتش مفيدة ليها طبيا بحاجة كبيرة ..يمكن بس ربنا قدر لي إني أكون شريكتها في لحظة بالجمال ده .. بس فعلا معاك حق أجمل أنواع السعادة هي اللي بيعكسها وجودك أو فعلك علي الآخرين

تحياتي يا دكتور ومنور جدا جدا
:)

Abd El-Baky Hossam "Bedo" said...

يااااااااه
عارفه انا مؤمن دايما ان المشاعر الصادقه بتوصل من القلب للقلب
وفعلا احساسك النبيل وصلنى بالظبط
وبصراحة محمد (مع إنى محصليش الشرف واتعرفت بيه )عنده حق لازم تطلعى مشاعرك النبيلة واحاسيسك السامية
عشان تخلى الناس اللى فقدت الثقه وفاكرة الناس كلها وحشة تعرف ان فى ناس كويسين وبيفكروا بقلبهم وبيحبوا حد لله فى لله
حاجة تانيه
أنا اما بحس حاجة اوى ( زى دلوقت كده) مبعرفش اعبر عنها ف وقتها عشان كده ابقى اسمحيلى اعدى كمان شويةواقولك رأيى
تحياااااااااااااتى

محمد النقيب said...

والله انا أخواني انا بحب اعلن اني بتفق مع الأخ محمد (عطشان) اللي رد فوق على أننا نقر على التعليقات , ياريتني فعلاً مكنتش قلتلك تنشريه
التعليقات نازلة ترف ..

بكل حقد
محمد النقيب

إيما said...

bedo pasha

مبسوطة جدا باحساسك بالحكايةوهاستني العودة عشان تقول كل اللي عايز تقوله :).. وألف شكر علي كل الكلام الكبير أوي ده
:)
تحياتي ومنور دايما


محمد

كدة !! هتتفقوا عليا يعني انتوا الاتنين ؟؟أخوات آخر زمن !!
طيب خلاص أنا هادي كل واحد فيكم ربع جنية عشان تهدوا وتبطلوا قر :)
يلا عشان خاطركم بس

موتني من الضحك يا محمد بجد:)